في حوار تلفزيوني نادر جمع بين نجم كرة القدم العالمي محمد صلاح والجراح المصري الشهير الدكتور مجدي يعقوب عبر شاشة قناة “أون سبورت 1”، تحدث قائد منتخب مصر ونجم نادي ليفربول الإنجليزي بصراحة غير معتادة عن رحلته من البدايات المتواضعة إلى قمة كرة القدم العالمية.
وكشف صلاح خلال اللقاء عن تفاصيل إنسانية عاشها في طفولته ومسيرته الاحترافية، وأخرى تتعلق بتحدياته النفسية ورؤيته لمفهوم النجاح.
واستعاد محمد صلاح ذكريات طفولته، مؤكدًا أن قدوته في كرة القدم داخل مصر كانا الأسطورتين محمود الخطيب وحسن شحاتة، اللذين شكّلا بالنسبة له نموذجًا للموهبة والالتزام والإلهام.
وأضاف أن والده كان الداعم الحقيقي الوحيد في بداياته، فهو من آمن بقدراته منذ اللحظة الأولى، رغم أن طريق الاحتراف كان يبدو شديد الصعوبة في ذلك الوقت.
الخوف في البدايات ومعاناة الناشئين
وتحدث صلاح بكثير من الصراحة عن مشاعر الخوف التي لازمته خلال سنواته الأولى في قطاع الناشئين، وقال: “كنت أعرف أن أي خطأ قد يُقصيني من الفريق، وحين كان المدرب يوبخني، كنت أهرب إلى الحمّام وأبكي حتى لا أخسر المكان الذي وصلت إليه”.
وأضاف أن بعض اللاعبين كانوا يسخرون منه بسبب مظهره ولهجته الريفية، لدرجة أنهم كانوا ينادونه بـ”الفلاح”، الأمر الذي زرع فيه شعورًا أكبر بالإصرار لا بالهزيمة.

وعند انتقاله إلى الاحتراف الخارجي، واجه صلاح تحديات قاسية، أبرزها الغربة واللغة والتعامل مع ضغوط الاحتراف الحقيقي.
لكنه أكد أن المعارف الإنسانية التي اكتسبها عبر متابعة مقاطع تحفيزية للدكتور مصطفى محمود والدكتور إبراهيم الفقي كانت عاملًا مهمًا ساعده على التكيف.
وقال: “في مصر كانت كرة القدم جزءًا من يومي، أما في أوروبا فقد أصبحت يومي كله… أصبحت حياتي بالكامل.”
معنى النجاح بين الشخصي والمهني
قدم صلاح خلال الحوار رؤية ناضجة لمفهوم النجاح، موضحًا أن النجاح له جانب شخصي وآخر مهني، ولا يمكن أن يكتمل أحدهما دون الآخر.
وأضاف: “النجاح الحقيقي بسيط جدًا، أن تكون راضيًا وسعيدًا، وليس شرطًا أن تكون مشهورًا. أعرف أشخاصًا مشهورين لكنهم غير سعداء.” وأوضح أن النجاح المهني بالنسبة له هو الاستيقاظ كل صباح بشغف وحب لما يقوم به.
الشك والخوف من الفشل
وعن لحظات الشك في مسيرته، أكد صلاح أنه مرّ بها مرارًا، خاصة عند بداياته في أوروبا، وقال: “كنت أفكر في العودة إلى مصر، وأن ألعب للأهلي أو الزمالك، وأعيش في دائرة الصخب المعتادة… لكنني عدت وفكرت مع نفسي بأن هذا ليس الطريق الذي أريده، وأن العودة وقتها كان سيُعتبر فشلًا.”

وأضاف أنه رغم ثقته الكبيرة بقدراته، فإن الشك كان يتسلل إليه بين الحين والآخر، لكنه كان يستخدمه كمحفز للتقدم لا للتراجع.
مواجهة الفارق بين الجماهير المصرية والعالمية
وأوضح نجم ليفربول أن الجماهيرية في مصر تختلف بشكل كبير عن أوروبا، قائلًا: “في مصر تُقدَّر كثيرًا إذا لعبت لنادٍ جماهيري، أما في الخارج فلا أحد يعرفك، ولا أحد يشير إليك في الشارع، الكل يعاملك كأي إنسان آخر.”
وأشار إلى أن هذا الفارق ساعده على الحفاظ على توازنه النفسي.
التأهل لكأس العالم… خطوة صنعت منه رمزًا
وكشف صلاح أن التأهل إلى كأس العالم 2026 كان لحظة فارقة في حياته، لأنها كشفته على حب الجمهور بصورة جديدة.
وقال: “بعد التأهل شعرت بما يمثّله وجودي للناس… هناك من يرى فيّ رمزًا للأمل لأبنائه. كانت تلك أول مرة أدرك فيها أن الأمر أصبح أكبر من كوني لاعب كرة قدم فقط.”
واختتم صلاح تصريحاته مؤكدًا أنه يسعى دائمًا لأن يكون دافعًا للآخرين، وأن رحلته لم تكن مجرد قصة نجاح رياضي، بل رسالة لكل شاب بأن الحلم ممكن مهما كان الطريق صعبًا.






